ما أهمية الأنضباط؟

 لو سألتني عما إذا كانت الموهبة تغلب العمل الشاق، لقلت لك أنها تغلبها نعم ولكن فقط إذا كان ذلك الشخص الموهوب لديه الإرادة الكافية والقدرة على أن يجبر نفسه على العمل، وإلا فإن العمل الشاق سيغلب تلك الموهبة الكسولة في 90% من الحالات (على المدى البعيد).

يا صديقي تخيل أخوين أحدهما موهوب والآخر أقل موهبة ولكن أكثر جهداً وإنضباطاً، وتخيل معي أن ذلك الأخ الموهوب قد ضيع موهبته بالكسل والغرور بينما كان أخاه المنضبط العادي ينحت ليل نهار حتى يصبح شخص أفضل، من برأيك سينتصر على المدى البعيد؟

الفائز في الحرب هو الشخص الذي لديه النفس الأطول، لن يتذكر أحد كم كنت شخصاً حاذقاً في طفولتك إذا أصبحت شخصاً تائهاً تافهاً في كِبرك، النهاية دائماً أهم من البداية.

"الإنضباط هو فعل ما يجب عليك فعله، في الوقت الذي يجب عليك فعله، عند عدم الرغبة للقيام بما عليك فعله"

لا تشعر بالهمة الكافية للمذاكرة؟ لا يهم فأنت شخص منضبط يعرف هدفه جيداً، وبالتالي ستدرس وتغصب نفسك على البدء حتى ولو لم تشعر برغبة عارمة لذلك لأنك تعلم أن أول دقيقة هي أصعب دقيقة ستمر عليك ثم سيصبح الأمر أسهل.

لا تريد الذهاب إلى الدوام اليوم؟ لا يهم ، أنت ستجبر نفسك على القيام من السرير ولبس الثياب والخروج من المنزل لأنك تعلم أنك تؤجل حالياً السعادة اللحظية في سبيل السعادة الأفضل طويلة الأمد.

أنت لا تريد أن تبدأ بأحد مشاريعك المؤجلة (كالذهاب إلى النادي أو تأليف كتاب) لأنك خائف من الفشل أو القيام بعمل غير مثالي؟ لا بأس ستقوم بفعله على أية حال حتى ولو كان بطريقة مروّعة لأنك تعلم أن العمل المقبول الذي يأخذ منك ساعة أفضل من عمل مثالي يأخذ منك عشرة، العمل المقبول يا صديقي هو عمل ناجح في أوراقي.

لا تشعر برغبة كافية للقيام لصلاة الفجر لأنك متعب ولأن النوم جميل؟ عادي ستقوم وتتوضئ وتصلي وستغصب نفسك على ذلك لأنك شخص منضبط يقوم بفعل الأمور المهمة التي عليه حتى ولو لم يكن يشعر بالرغبة أو التحفيز الكافي لفعلها.

تذكر دائماً يا صديقي؛ مشاعرك لا تسبب أفعالك، أفعالك هي من تسبب مشاعرك!

"الإنضباط ليس فقط فعل الأمور الجيدة عند عدم إرادة فعلها، بل هو أيضاً عدم فعل الأمور الذميمة عندما تريد النفس حقاً أن تفعلها"!

تريد أن تقوم بأمر محرم وتشعر برغبة عارمة لفعل ذلك؟ لن تفعل! ستتوقف، تتنفس وتنصرف عنه ببساطة لأنك شخص منضبط رزين موزون ليس عبداً لشهواته وغرائزه.

يا صديقي العمل الشاق، الإنضباط التام، ترك الأمور التي تحبها وفعل الأمور التي لا تحبها هي الطريقة الوحيدة للتغلب على هذا الزمن الصعب، الموهبة وحدها لن تكفي للنجاة، أنت الآن في مواجهة عالم كبير جداً وفي مواجهة مؤسسات ضخمة تحاول باستمرار أن تضعك أرضاً!

لن تحقق ما تصبو إليه من غير تعب، لن تستطيع أن تتغلب على منافسيك بالموهبة الفذة لوحدها أنت ستحتاج أن تقرنها بالعمل الشاق والإنضباط الشجيّ.

أنت عبد يا صديقي ولكن بالعمل الشاق والأخذ بالأسباب مع التوكل على رب تلك الأسباب، ستتحرر لا محالة

مقالات قد تعجبك